الفخر بالشعر في القصيدة المدحية عند أبي تمام
الملخص
الفخر من الموضوعات التي تناولها الشاعرالعربي في شعره, فافتخر بالنفس وبالآباء والأجداد, وبالقبيلة من حيث قوة العصبية والمنعة والعزة,وبالخصال الحميدة كالشجاعة والكرم والوفاء, والمروءة, وبالرزانة والحلم ... إلخ.
وثمة فخر آخر له أهميته ألا وهو فخر الشاعر بشعره, وفيه يمتدح الشاعرشعره بكثيرمن العجب والتيه.وتزداد خطورة هذا الفخر وأهميته حين يرد في سياق القصيدة المدحية؛ وذلك لما يحمله من دلالة مهمة تكشف عن نوعية العلاقة بين الشاعر وشعره من جهة, وبين الشاعر والممدوح من جهة أخرى؛ الأمر الذي قد يعين على إعادة الاعتبار إلى القصيدة المدحية, والنظر إليها نظرة إيجابية؛ لأن النظرة الغالبة إلى هذه القصيدة نظرة سلبية ترى أنها قد جنت على الشعرالعربي جناية بالغة أفسدت عليه حياته واستقلاله . و قد كان السبب الذي أدى إلى هذه النظرة السلبية - فيما أرى - هو الاقتصارعلى العلاقة بين الشاعروالممدوح عند دراسة هذه القصيدة ولم يُنظر إلى العلاقة بين الشاعر وشعره بعين الاعتبار. وقد أدى ذلك إلى تسليع القصيدة المدحية فلم تعد سوى سلعة ثمنها في كيس الممدوح.
في حين تفتح لنا الرؤية الكلية لهذه العلاقة باباً أوسع نطَّلع منه على حقيقة القصيدة المدحية؛ وذلك من خلال النظر إلى هذه العلاقة بوجهيها: علاقة الشاعر بشعره, وعلاقته بالممدوح؛ ويتحقق هذا الأمر من خلال دراسة الأبيات التي يخصصها الشاعر- من قصيدته المدحية- للفخر بشعره. وهذا ما يجعل السؤال عن طبيعة العلاقة بين الشاعروشعره من جهة, وبينه وبين الممدوح من جهة أخرى أمراً مشروعاً, فكيف كانت هذه العلاقة ؟ وما دلالتها ؟
وبناءً على ما تقدم فإن لهذا البحث غاية يسعى إليها ألا وهي دراسة الفخر بالشعر عند أبي تمام في قصيدته المدحية . و من المعلوم أن أبا تمام شاعر مجدد له فلسفته الخاصة في الحياة والإنسان؛ لذلك يغتدي البحث في الفخر بالشعر عنده أمراً له خصوصيته وأهميته؛ لنرى طبيعة هذه العلاقة كما تجلَّت من خلال فخره بشعره. وبذا سيصبح أطراف هذه العلاقة كالآتي: الشاعر والقصيدة والممدوح؛ وفي ضوء ذلك يمكن تقسيم البحث إلى مبحثين يتشكل كل واحد منهما من علاقة ثنائية تمثل الأصل في هذه العلاقة, ويكون حضور الطرف الثالث فيها مكملا لها, وسيرتب هذان المبحثان من حيث التصور الذهني العام لأطراف العلاقة على النحو التالي:
1- الشاعر / القصيدة / الممدوح
2- الشاعر / الممدوح / القصيدة
أما من حيث الإجراء العملي فسنمضي بناء على العلاقة الثنائية بين كل من الشاعر والقصيدة في المبحث الأول, ويكون حضور الطرف الثالث (الممدوح) حضوراً ضمنياً بناءعلىالتصورالسابق, وسنقتصر كذلك في المبحث الثاني على العلاقة الثنائية بين الشاعر والممدوح, وسيكون حضورالطرف الثالث( القصيدة) حضوراً ضمنيا بناء على ذلك التصور نفسه . مع الأخذ في الاعتبار أن هذا الترتيب- من خلال التصور العام - جاء وفقا للأهمية .