ثبوت تأريخ النزول وأثره في التفسير
الملخص
يتناول هذا البحث حول جزئية من جزئيات علم المكي والمدني، وهذه الجزئية الخاصة بتاريخ النزول ، ولما كانت هذه الجزئية لم تأخذ نصيبها ما تستحقه من البحث فقد رأينا تسليط المزيد من الأضواء عليها ، علما بأن تأريخ النزول لايكاد ينفصل عن مكان النزول ونوعية الخطاب و المخاطب ، إلا أننا سنحاول ما استطعنا إلى ذلك سبيلا جلاء هذه النقطة ، وإن كان ذلك يحتاج منا إلى بعض الإشارات أو المقدمات المختصرة لعلم المكي والمدني باعتبار هذا العلم هو الكلي الذي يندرج عنه الجزئي الذي هو موضوع بحثنا وبداية نقول : إذا اختلف العلماء في تفسير آية من كتاب الله . فالقول الذي يوافق تاريخ نزول الآية هو القول الراجح ، والقول الذي يخالف تأريخ نزولها ولايتفق معه فهو قول ضعيف أو مردود. وإنما قلت : أو مردود ؛ لأن تأريخ نزول الآية لايخلو إما أن يكون متفقا عليه أو مختلفا فيه ، فإن كان متفقا عليه فالقول الذي يخالفه ولا يتفق معه مردود ؛ لأجل مخالفته أمرا مجمعا عليه ، وإن كان تأريخ نزولها مختلفا فيه ، غير أنه تبين الصحيح والراجح بأدلته ، فالقول الذي يوافق الصحيح و الراجح ، هو الراجح ، والقول الذي يخالفه ويوافق الضعيف في تاريخ نزولها ، هو ضعيف مرجوح وأعني بـ ( ثبوت تأريخ النزول ) أمرين : أحدهما : اتفاق العلماء عليه ، وذلك كاتفاقهم على السور المكية ، وكذا المدنية ، والآيات التي نزلت في تبوك ، أو في حجة الوداع ، ونحو ذلك الآخر : ثبوت تاريخ النزول برجحان أحد الأقوال وظهوره دون غيره ، وذلك كأن تكون الرواية فيه صحيحة والقول الآخر روايته ضعيفة ، وهذا يقع في السور المختلف في تاريخ نزولها . ولا أعني بالتأريخ ضرورة معرفة الساعة واليوم والعام، بل قد يكفي في التاريخ مرحلة زمنية كالعهد المكي قبل الهجرة أو حادثة معينة كالإسراء ، أو غزوة معينة ، أو القبلية والبعدية بالنسبة لسورة اخرى ، كأن يكون سورة كذا نزلت قبل سورة كذا ، فهذا هو ما أعني به تاريخ النزول .