الترحم على الكفار والمشركين وأصحاب البدع، رؤية شرعية
الملخص
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد، فإن الفطرة الإنسانية التي فُطِر الناس عليها تقتضي أن يتعاطف الناس مع بعضهم البعض، وكذلك تستلزم قول اللين من الكلام لهم، خاصة المبتلين منهم بالكفر، أو القتل أو الكوارث الطبيعية وغيرها، لكن تعاطفنا معهم لا يقودنا إلى الجناية على الدين، ولا يحملنا على تمييع المصطلحات الشرعية والنصوص.
ولقد شاع القول بمشروعيه الترحم على من مات كافراً؛ خاصة من لهم باع طويل في مجاهدة الظلم والعدوان أو الوقوف مع الحق، أو على كرمهم، أو من لهم نصيب في أعمال الخير، ظانين أن ذلك -الدعاء لهم بالرحمة والمغفرة- نافعهم عند الله بداعي أن الإسلام دين الرحمة؛ تبرئة لساحة الإسلام من التطرف والعدوان، وتملقاً وتزلفاً لأصحاب الأديان المغايرة للإسلام، وفي سبيل ذلك قاموا بلي أعناق النصوص الشرعية؛ لتشهد لهم على ما ذهبوا إليه، وتمسكوا بشبهات اعتقدوها أدلة حقيقية، بيد أنها لا تشهد لهم بل تشهد عليهم، ولما كان هذا الموضوع من الأهمية بمكان لمناقضته للعقيدة الصحيحة، ومصادمته للآيات القرآنية، والأحاديث النبوية؛ وقد ارتأيتُ أن ألقي عليه الضوء تبييناً للحق، وإظهاراً له, حتى لا يُلبس على المسلمين أمر دينهم، ومناقشةً لهم بعدل وإنصاف.
ورأيت تتميماً للفائدة أن أتبع بيان حكم الترحم على الكفار والمشركين ببيان حكم الترحم على أصحاب البدع خاصة، وأن هناك بدعاً اعتقادية يكفر بها صاحبها، وتخرجه من الإسلام، فجاء هذا البحث بعنوان:
(الترحم على الكفار والمشركين وأصحاب البدع، رؤية شرعية).