مقومات النظرية الخاصة بإثبات الحدود في التشريع اليمني والفقه الإسلامي
الملخص
فإنه وبحكم صلتي بالقانون الجنائي وعلومه المساعدة بحثًا وتدريسًا، واهتمامي بفكره وفلسفته في المجالات الموضوعية والإجرائية، ومن ذلك فكر وفلسفة المشرع اليمني في مجال الإثبات الجنائي، والذي يتسق مع فلسفة معظم المذاهب المعاصرة في الإثبات، باستثناء الجانب المتعلق بإثبات الحدود، الذي اتبع المشرع فيه سياسة مختلفة لغايات تتجاوز الوصول إلى الحقيقة إلى غايات ذات ارتباط كبير بالعقوبة وفلسفتها، ليلتقي بذلك مع التوجه السائد للسياسات الجنائية المعاصرة للحد من نطاق العقوبات البدنية، ومع أحدث السياسات العقابية التي ظهرت في منتصف القرن العشرين في مجال الحد من العقاب بشكل عام([1]).
هذا الاستنتاج الأولي وجدت فيه مؤشرًا على وجود سياسة خاصة وجامعة للقواعد والفروع والجزئيات في نظام واحد، وعلى وجود نظرية ذات طبيعة موضوعية تزخر بالمفاهيم والأفكار، والتي يجب ألاَّ تقف حدود تأثيرها على ثقافتنا، وأنَّا مطالبون ومعنيون بدراسة خصائص هذه النظرية ومقوماتها، وذلك بإطارها الواسع والشامل للاستفادة من ذلك في ضبط الأحكام والمفاهيم الفرعية وغايات الشريعة وتقديمها بصورة نظرية علمية وصيغ معاصرة لتمكين الثقافات الأخرى من تفهمها، وتحقيق الطموح بشأن عالمية النظرية.
[1]) ظهرت سياسة الحد من العقاب كمصطلح عام 1950م للحد من العقوبات السالبة للحرية، وذلك بالبحث عن عقوبات بديلة لها، ثم تطورت إلى إخراج بعض الأفعال المجرّمة من نطاق القانون الجنائي، وإخضاعها لنظام قانوني آخر.... انظر: د. محمد العروص: سياسة الحد من التجريم أو العقاب، المجلة الإلكترونية للبحوث القانونية، 2008م، العدد(2)، 2018م، ص28، د. بلعرابي ابن عبد الكريم، أ. عبد العالي بشير: الحد من العقاب في السياسة الجنائية المعاصرة، بحث منشور في مجلة الأبحاث القانونية المعمقة، الجزائر، المركز الجامعي، العدد (2).