الاستـفادة من الآخر في الإسلام رؤيــة تأصيلية
الملخص
إن البشرية تمر بظروف يغلب عليها الصراع بكافة صوره بما فيها الصراع العسكري الدموي ، وكلما مرت الأيام ارتفعت الأصوات الداعية للصدام الحضاري وبالذات بين أكبر أمتين وحضارتين في الأرض ، وهما الحضارة الإسلامية والحضارة المسيحية ، حيث دأب المتطرفون هنا وهناك على دق طبول الحرب وادعاء النقاء العرقي والتميز الحضاري ، ودفع الأوضاع نحو المواجهة الحضارية الشاملة ، وخاصة بعد نظرية " صراع الحضارات " التي رفع لواءها عدد كبير من مفكري الغرب ومنهم المفكر الأمريكي الشهير صموئيل هنتجتون، وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001م التي سقط فيها برجا مركز التجارة الدولي في نيويورك ، وسقط معها بعض معاقل الحكمة والتعايش الإنساني والتفاعل الحضاري ، بين المسيحيين والمسلمين ، لأن الحادثة قيدت ضد المسلمين ، بل وضد الإسلام عند غلاة التطرف الغربي ، حيث أعلنت الحرب الشاملة ضد الإرهاب، وهي الحرب التي كادت أن تفقد القدرة على التمييز بين الإرهاب والإسلام ، إذ تشابهت البقر على المحافظين الجدد بفعل عوامل عديدة بعضها ذاتية وبعضها موضوعية . وفي هذا الجو المسموم ظهرت صيحات كثيفة في العالم الإسلامي تدعو إلى الانغلاق على الذات بحجة حماية المسلمين من سهام العولمة والغزو الثقافي والاجتياح الحضاري ، ولتهيئة المسلمين لقبول هذا الموقف الانفعالي ، استدعى أصحابه النصوص والمفردات الداعية للتميز والاستقلال والحذر من موالاة أعداء المسلمين في سياق الدعوة للقطيعة الحضارية مع الغرب