أسلوب الشرط بين الصناعة والمعنى
الملخص
من خلال بحثي في أساليب العربية – في القرآن الكريم وغيره – استوقفني أسلوب الشرط نحو قوله تعالى: (وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين)، وقوله تعالى على لسان مريم: (قالت أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا)، وقوله تعالى: (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا)، وقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ). فالشرط فيها لا يؤدي معنى الشرط النحوي، ولا ينبغي حمله عليه، فمعنى الشرط أن يقع الشيء لوقوع غيره، أي: يتوقف الثاني على الأول نحو: إن زرتني أكرمتك، فالإكرام متوقف على الزيارة، ونحوه قوله تعالى: (إن تنصروا الله ينصركم). فليس المعنى في الآية الأولى ذروا الربا إن كنتم مؤمنين وإن لم تكونوا مؤمنين فكلوه، وليس المعنى في الآية الثانية: أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا، وإن لم تكن تقيا فلا أستعيذ بالرحمن منك، وليس المعنى في الثالثة: لا تكرهوهن إن أردن تحصنا، وإن لم يردن فليس لنا أن نكرههن. فالأسلوب شرط من حيث الصناعة، ولا يؤدي مضمون الشرط من حيث المعنى. ورجعت إلى كتب النحو واللغة والبلاغة والتفسير وإعراب القرآن لعلي أجد تأويلا واضحا لهذا الشرط فلم أجد إلا نتفا تشير إلى أنه شرط مجازي. وتبين من خلال البحث أن الشرط نوعان: شرط حقيقي، وهو المعهود عند النحاة وقد تحدثوا عنه في مصنفاتهم، وشرط مجازي أهمله النحاة كقوله تعالى: (قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين) وهو شرط من حيث الصناعة، وليس بشرط من حيث المعنى، وإنما قد يكون خبراً محضا، أو إنشاءً محضا كالأمر والنهي والاستفهام مع تضمنها الغرض المجازي جاء على صورة الشرط. وبناء على ذلك فسرتُ مجموعة من الآيات التي تضمنت الشرط المجازي تفسيرا يوافق المعنى الدقيق لها، في حين أني لم أجد تفسيرا واضحا لها في كتب التفسير.