موانع ادماج الغرب للحركات الاسلامية في منظومة الديمقراطية
الملخص
الناظر في حياة الأمم والشعوب المختلفة في هذا العصر ، يرى بدون لبس دوراً كبيراً للديمقراطية في تحقيق نهضتها الحضارية وخاصة في الغرب واليابان ، حيث نجحت الديمقراطية إلى حد كبير في إرساء الاستقرار والإعلاء من شأن الحريات والحقوق الإنسانية ، مما أدى إلى تفجير طاقات المجتمع التي كانت تستهلك في الصراع على السلطة وتسخير هذه الطاقات في عملية البناء الحضاري ، حيث تسيكت قيم البحث العلمي والعدالة الاجتماعية واستهداف خدمة الإنسان وحقوقه العامة وخاصة في المجال السياسي ، فحققت تلك المجتمعات قفزات هائلة في مضمار الحياة الإنسانية التي تتوافر لها أكبر عدد ممكن من مقومات الحياة الكريمة في المجالين المادي والمعنوي . وفي العقود المتأخرة تداعت كثير من المجتمعات الشرقية في آسيا وأفريقيا إلى اقتفاء آثار التجربة الغربية ، فظهرت نماذج مختلفة من الديمقراطية اقتربت بهذا القدر أو ذاك من النماذج الغربية ، وبدأت عجلة الحياة تسير إلى الأمام مهما اختلفت الصور والأبعاد ، حيث حققت بعض المجتمعات قفزات مهمة في محاولة تغيير أوضاعها المتخلفة إلى الأفضل ، مثل : كوريا وتايوان وتايلند والهند وجنوب أفريقيا ، غير أن ذلك لم يتحقق في بلدان إسلامية ، إذا استثنينا بعض التجارب في ماليزيا وأندونيسيا ، وربما في باكستان وإيران وتركيا وهنا يتبادر إلى الأذهان سؤال كبير : لماذا لم تقم الديمقراطية في العالم الإسلامي على ساقيها لأول وهلة يجد الباحث إجابات كثيرة على هذا السؤال من مختلف الأطراف المسكونة بهذا الهم ، ورغم أن هذه الإجابات كثيراً ما تكون متقابلة إلى حد التناقض، بسبب هيمنة الرؤية الأحادية على غالب من يتبنونها ، إلا أنها لا تخرج عن ثلاثة مجالات أساسية : في المجال الأول : وأكثر أصحابه من الإسلاميين والقوميين يحتلون الغرب المسؤولية ، فهو لا يريد للعالم الإسلامي أن يستقر ويبدع ويتخلص من آفات الاستبداد والاختلاف والتخلف ، ولذلك يحول بين الشعوب الإسلامية وبين الديمقراطية الحقيقية