التلقيح الاصطناعي والمسئولية القانونية
Abstract
إن من جملة المجالات العلمية التي حظيت بقدر كبير من التقدم هو "المجال الطبي" , فقد كان للتقدم الذي حصل في العلوم الطبية أثره العميق في تغيير النظرة إلى الحقوق والواجبات , بالنسبة للأفراد في مجتمعاتنا الراهنة , وبالتالي إلى وجوب تغيير معايير المسؤولية وضوابطها , فالعلوم الطبية تطورت تطوراً مذهلاً, ووصلت اليوم إلى ما يشبه الانفجار العلمي , ولازال مطرداً كرد فعل لربط التقنية من جانب الطب وبالبايولوجيا من جانب آخر , فاستحدث رجال الطب الكثير من التقنيات الطبية التي لم يكن للطب سابق عهد بها , ومن بينها تقنية التلقيح الصناعي الذي يعتبر أحد إرهاصات التقدم العلمي بوجه عام , والتقدم الطبي بشكل خاص ( وهو إِجراء التلقيح بين حيوان الرجل وبويضة المرأة عن غير الطريق المعهود والمتعارف عليه) , حيث يضطر الطبيب في بعض الحالات والأوضاع النادرة إلى الالتجاء للتلقيح الصناعي كتدبير نهائي للتخلص من العقم القابل للعلاج , حيث يمثل العقم مشكلة حقيقية وجادة من حيث عدم القدرة على إنجاب الأولاد الذي يصبح عادة عقبة أمام استمرار الحياة الزوجية, فقد أجمع الفقهاء على أن العقم أيا كان سببه لا يعدو أن يكون مرضا من الأمراض التي تدخل تحت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم : "تداووا فإن الله عز وجلّ لم ينزل داء إلا و أنزل له الدواء" ( ) وعلاجه هو فرع من فروع التداوي . تُعدّ عمليات التلقيح الصناعي وأطفال الأنابيب من القضايا التي حظيت بمئات من الأبحاث والدراسات التي استهدفت وضع الضوابط والحدود الشرعية لها , مؤكدة على أن ديننا الحنيف جاء ليتماشى مع كل تطورات العصور و يتواصل مع مجريات الأمور ما دامت الحياة تتفاعل معنا و نتفاعل معها , ولكي لا يبقى المسلم حائرا في مواجهة هذا التقدم العلمي ,و ما يقتضيه الدين الإسلامي كي تبقى تلك العمليات في إطار المباح شرعاً وتجريم ما عدا ذلك ،وقد قدمنا في هذا السياق الفتاوى الشرعية التي استقر عليها رجال الدين الإسلامي في هذا الخصوص وهذا ما سنبينه لاحقا . إِن المشرع اليمني كغيره من التشريعات العربية لم يضع قواعد خاصة لكل مهنة من المهن , وإنما وضع قواعد عامة للمسؤولية المدنية ,ولذلك لا توجد قواعد محددة تحكم مسؤولية الطبيب المدنية ,فلابد إِذن من الرجوع للقواعد العامة لتحديد مسؤولية الطبيب والتزامه بالتعويض , ويعد هذا القصور سببا في عدم تتبع الأخطاء الطبية ومحاسبة مرتكبيها والعمل على تطوير المهن الطبية